لماذا يتحرر العالم من الوقود الأحفوري

لا يوجد وقت أفضل للتحرر من الوقود الأحفوري من الآن. فدرجات الحرارة القياسية وأسعار الوقود الأحفوري المتهاوية والاستثمارات غير المسبوقة في قطاع الطاقة المتجددة والحركة العالمية المتنامية المطالبة باستمرار الضغط على الحكومات لتلتزم بتعهداتها التي قطعتها في القمة المناخية التي انعقدت في باريس، كلها اجتمعت لتشكل ضغطًا هائلًا.

وكانت سنة 2015 السنة الأكثر حرارة في التاريخ المسجّل، واستمرت درجات الحرارة المرتفعة حتى شهري كانون الثاني/يناير، وشباط/فبراير. فوفقًا لناسا، كانت درجات الحرارة  أعلى من المعدل بـ1.35 درجة سيلزيوس بحسب الدرجات المسجلة بين عامي 1951- 1980 وتراجعت أسعار النفط ثلثي قيمتها في 18 شهرًا ومن المتنبئ أن تبقى كذلك في الأشهر القادمة.

وليس الفحم بحال أفضل. أعلنت الصين تعليق إنتاج كميات جديدة من الفحم الحجري في نهاية العام الماضي، وكما سجلت شركة «بيبودي» وهي أكبر شركة عالمية لإنتاج الفحم لتحصل على ميزات حقوق حماية المفلسين في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن عجزت عن سداد ديونها ويعود ذلك جزئيًا إلى انخفاض الطلب على الفحم.

وفي ذات الوقت حصلت الطاقة المتجددة على مبالغ قياسية من الاستثمارات، حوالي 329 مليار في السنة الماضية وفقًا لبحث تمويل الطاقة الجديد الذي قامت به «بلومبيرغ» وفي شهر شباط/فبراير بدأت «نور 1» المرحلة الأولى من محطة الطاقة الشمسية المركزة المغربية في العمل لتزود 650.000 من السكان المحليين بالطاقة الكهربائية الشمسية. وستزود 1.1 مليون شخص بالطاقة الكهربائية عند انتهائها في عام 2018.

ولكن يبقى السؤال المطروح: لما لا تزال أكثر الحكومات متمسكة بالوقود الأحفوري المتلاشي بالرغم من أنّها تواجه قلقلة اقتصادية عظيمة في حين لديها خيار حقيقي وملموس في مستقبل أنظف وأكثر عدالة ومتجدد 100%؟ لا زالت عدة اقتصادات نامية تتمسك بوهم أن التقدم ممكن باستخدام الوقود الأحفوري فقط، وذلك بدلاً من أن يقتنصوا الفرصة لتجاوز الأخطاء التي وقعت فيها البلدان المتقدمة.

فعليهم اعتناق حلول الطاقة المتجددة الحديثة والتي ليست أنظف وأفضل لمستقبل البيئة وحسب، لكنها أيضًا أوفر لأنّها تعمل على الطاقة الشمسية المجانية المتوفرة بكثرة في كل قارة أفريقيا والعالم العربي. ويمكن تحقيق التطور الحقيقي المستدام فقط بتحقيق أنظمة اقتصادية متجددة.

والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي الإبقاء على الفحم الحجري والنفط والغاز في الأرض. وإنه من واجبنا أن نحاسب الحكومات ونضمن مصادقتها على «اتفاق باريس» وأن تتجاوز الأهداف الحالية الموضوعة وتسرّع التحول إلى طاقة متجددة.  ففي النهاية لانزال جميعًا تحت مخاطر ارتفاع حرارة الكوكب وسنستفيد جميعًا من تصعيد وتيرة العمل.

وشعار هذه الحركة «لنتحرر» وهي حركة رائدة من المجموعات المحلية والعالمية التي تقوم بتحركات شجاعة لوقف مشاريع الوقود الأحفوري في ست قارات؛ وتظهر عزمها على التحول من الوقود الأحفوري وبناء اقتصاد من نوع جديد نعلم أنه ممكن التحقيق – ويرتكز هذا الاقتصاد على 100% من أنظمة الطاقة المتجددة.

وبالترافق مع أكثر من عشر تحركات في أيار/مايو القادم سنهز صناعة الوقود الأحفوري بتحركات مباشرة وسلمية حول العالم. ففي نيجيريا، ستنعقد التحركات في ثلاثة مواقع رمزية تجسد ثلاثة عقود من التلوث في المنطقة. وسنستمر بنشاطاتنا في جنوب إفريقيا، حيث سنقوم بنشاطين أساسيين نوضح فيها التأثيرات الضارة للفحم والتغير المناخي. وفي مصر، سيٌعرض فلم جديد عن قصة الفحم الحجري في القاهرة وحلوان والإسكندرية لحشد المزيد من الناس في قضية الفحم الحجري.

وسيُظهر الناس والتجمعات السكانية المتأثرة قوتهم وشجاعتهم في طرق توضح أنه حان الوقت للإبقاء على الوقود الأحفوري في الأرض ولبناء عالم أكثر صحة وعدالة. فقد أصبحنا على مقربة من تحول تاريخي عالمي في نظام الطاقة. وطريقنا للوصول إلى ذلك هو إيصال رسالتنا وفحواها أن الطريقة الوحيدة لتجنب أسوأ سيناريوهات التغير المناخي هي الإبقاء على الفحم الحجري والنفط والغاز في الأرض. ويعتمد مستقبلنا على ذلك.

هذا المقال نشر بجريدة الوطن هنا

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s